بعد
يوم طويل متعب كل ما رغبت به هو الوصول بسرعة للبيت لارتاح، إلا ان شيئا
ما بداخلي ظل يلح علي بالعودة سيرا على الاقدام، و ليت المسافة كانت قريبة‼
و لكنها كانت طويلة جدا فمابالك ان تقطعها بعد احدى عشرة ساعة عمل..لكن
ذلك الصوت كان طاغٍ ..تلك الرغبة في اكتشاف المدينة في ذلك الحيز الفاصل
بين نور النهار و ظلمة الليل..او لنقل في نقطة تقاطع الليل و النهار ..كنت
مرهقة جدا فلم ادري هل كان سيري بالغريزة أم
بالارادة..هل كنت امشي لأنني يجب ان امشي لأصل أم امشي لأني أريد ان
أصل..هناك دائما فرق..فان كان المرء يسير لأنه يجب أن يصل سيسلك أي طريق
أما إن كان يمشي لأنه يريد ان يصل فسيختار حتما الطريق الأصح و الأقرب..و
الرياضيات تعلن ان أقصر الطرق " الطريق المستقيم"..
عندما يبدأ
النور ينسحب تاركا مكانه للظلمة ترى ذلك في الارصفة و على جوانب البنايات
..الظلال تمتد و الأشعة تنسحب..يعود الناس إلى بيوتهم ..المحلات تغلق
..الكل يستعجل كأنما يسابق الزمن للعودة..تبدأ الوجوه الغريبة المخيفة في
الظهور ..ففي النهاية ليست وحدها الاشعة التي تنسحب مع زحف الليل..كذلك
الفضيلة تغادر تاركة الساحة للرذيلة..
في كثير من الاحيان عندما
أصاب بالارق و السهاد أفكر " كيف هي الحياة خارج أسوار بيتنا" ماذا يوجد
هناك في شوارع المدينة و ازقتها الضيقة، فأشعر بالخوف حينها و لا ادري أخوف
من المجهول هو ام من المعلوم بما يحدث هناك‼
و تلك المعركة
الدائرة كل يوم بين النهار و الليل ..هي نفسها الدائرة في نفس البشرية منذ
بداية الخلق بين الخير و الشر، بين الفضيلة و الرذيلة..و الحرب سجال يوم
للخير و يوم عليه..
فاحيانا يستوطن الخير النفس و يصل نوره إلى كل
أوصالها كقرية استفادة حديثا من خدمة الكهرباء..و أحيانا اخرى ينقض الشر
الكامن المتربص في خباياها..ليستفرد بالانسان و يسيطر عليه..
يقول برنارد شو " ليست الفضيلة في أن نتجنب الرذيلة بل في ألا نشتهيها"..حسنا يا برنارد أنت تصعب علينا الامور قليلا‼
انا أقول لك و مع احترامي الشديد طبعا ..لقد جانبت الصواب هنا ..فكل
الفضيلة في اشتهائك للرذيلة و مع ذلك لا تأتيها..أن تكون قاب قوسين او ادنى
منها لكن الخير المتأصل فيك يمنعك.. أنت حينها تثبت انك بشري خالص و
بالرغم من ذلك فإنك ترتقي بهذه الصفة البشرية الى رتب الملائكة..فالأمر
اشبه بمعركة تنتصر فيها الفئة القليلة على الفئة الكثيرة..
و في النهاية هو الصراع بين الحق و الباطل ..
"الباطل " كلمة من أربعة حروف تستند على ألف مدٍ ترتفع بها ثم تتكئ
على الطاء لتنتهي بلام متراخية..في حين "الحق" كلمة من حرفين حلقيين يبدءان
فيه و ينتهيان هناك ليبقى دائما شوكة في "حلق" الباطل ما دامت السموات و
الارض..فالنور اصل و الظلمة حدث ..الظلمة هي غياب النور في حين ان النور
ليس غيابا للظلمة انما هو وجود و هناك فقط ما يمنع امتداد ه أو يحجبه ..و
إن حل الليل فهذا ليس لأن الشمس اختفت و لكن لأنها أشرقت في مكان أخرى
لتبدد ظلمة اخرى .
الفقرة الأولى مكررة
RépondreSupprimerههههههه فعلا ، شكرا للتنبيه
Supprimer