jeudi 7 avril 2016

حين أستيقظ صباحا، أرتاح على حافة السرير، أتفقد روحي.. هناك وجع لم يغادر مكانه..شيء من الكبرياء..قليل من الوعي..بقايا حلم...و هناك "أنت"، الرجل سرمدي الحضور، الذي يسافر معي من الواقع إلى الحلم، و يخترق حدود المكان و الزمان، ليخلق لي هامشا بينهما، يقيمه له وحده..
على ذلك الهامش، و في تلك المسافة بين الواقع و الحلم، أستقر معه لنؤسس حياة نحيكها من تفاصيل مهملة.. نبني بيتا، نؤثث مكتبة، نزرع وردا، نربي سمكة بلون ذهبي، نفتح نوافذ تطل على اللامنتهى، نشتري ساعة حائط معطلة، لأن الزمن بحضورك وهم، نضع على عتبة الباب سجادة رسمت عليها زهرة توليب صفراء، نطلي جدران الغرف بلون السماء، ونعلق في غرفة المعيشة لوحة لكثبان رملية.
هناك، سنتجادل، لأنك تحتل أكبر جزء من المكتبة لأجل روايات هاروكي موراكامي، و لا أجد أنا مكانا لروايات إليف شافاق.. سنتجادل لأنك تسير في البيت دون خف، و لأنني أنسى إطفاء المصابيح، و لأنك تنسى سقي الورود، و لأنني إنسى إطعام السمكة... سأقول لك للمرة الألف أن تمسح نظاراتك، و للمرة الألف لن تفعل، و للمرة الألف سأمسحها أنا، لأن هذا جزء من تشابك العلاقة بيننا.. و ستكرر لي آلاف المرات أنك تكره كلمات "ربما" و "ممكن" ، لأنك رجل الحقائق لا الاحتمالات، و سأكررها على مسامعك آلاف المرات، و ستغضب في كل مرة و سأعدك أنني لن أعيدها، و أعيدها، فقط لأن مساحات الغضب بيننا قد تلونت بطعم الحب..
سنتجادل حول أسلوب ابراهيم الكوني، و حول بول سارتر، و ابن سبعين، و حول لون ستائر الغرف، و حول النكهات و الروائح... نتجادل حول قضايا كبرى لا تعنينا، و حول تفاصيل صغيرة لا تهمنا، لكن الحقيقة الواحدة التي سنتفق عليها هي استمرارنا في هذا التشابك بين تفاصيلنا، بين رغباتنا و ميولاتنا و عاداتنا رغم اختلافاتنا ،لأنني أحب صوتك الصباحي، و طريقتك في الحديث حين تتدفق منك الكلمات منك فجأة..أحب نظاراتك المغبرة، وبريق عينيك، و ذوقك السيئ في الألوان، و نظامك الغذائي الغريب، و فوضاك، و نسيانك للتواريخ، و خلطك للحروف.. أحب عفويتك و اتساع قلبك، أحب قوة إيمانك و عزيمتك، أحب الطفل الذي بداخلك، و أحب أن أراه لا يكبر..أحب تركيبة اسمك، و أحب الأسماء التي تناديني بها..
لأنني أحبك كلا، و أحتفظ بك تفصيلا بتفصيل ..

dimanche 20 décembre 2015


بين التفرد و التكرار..


تتحدث قصة من موروثنا الشعبي عن فتاة جميلة حسناء كانت تعاني من ظلم زوجة أبيها التي تلقي بها فيما بعد وحيدة في الغابة . فتعيش الفتاة في مغارة و في إحدى المرات و بينما هي تشرب الماء من النهر تسقط شعرة من رأسها فيحملها الماء إلى حيث كانت فرس الأمير تشرب. تشرب الفرس الشعرة مع الماء فتضايقها، بعدها ينتزعها الأمير من فمها و يعجب بطول الشعرة و يطلب من حاشيته البحث عن صاحبتها حتى يتزوجها، فتبدأ سلسة البحث بين فتيات المملكة عن من شعرها بهذا الطول. و القصة تشبه إلى حد ما قصة سندريلا من ناحية تفرد الفتاة و حملها لصفة لا توجد لدى باقي الفتيات، مع أن العقل لا يقبل تماما مثل هذه القصص. فهناك الكثير من البشر يتشابهون في قياس أقدامهم و طول شعرهم و حتى نوعه، إلا أن طبيعتنا البشرية التي تسعى للتفرد و تحب دائما كل ما يشعرها بأنها لا تشبه غيرها ترتاح لمثل هذه القصص. إذ أننا نميل كأفراد إلى الاعتقاد بأننا متفردون و لا نشبه غيرنا، حتى في بؤسنا لا نستطيع تقبل فكرة أن هناك من يعاني مثلنا، و كذلك في الحب، و نقتنع بأننا نشكل دائما الاستثناء.
من جهة أخرى و رغم تجاوز أعداد البشر للسبعة ملايير، فإنه يستحيل أن نجد شخصان متطابقان، فحتى التوائم الحقيقية تختلف على الأقل في البصمة كأبسط الفروق.
فهل نحن متفردون أم مجرد نسخ مكررة؟
في الواقع نحن متشابهون و مختلفون في آن واحد!
نحن متشابهون في الصفات إذا أخذناها منفصلة عن التركيبة العامة، فهناك الملايين من البشر متشابهون في لون الشعر و العيون و الطول و الوزن و الحجم و قياس القدم و لون البشرة و شكل العين و الأنف و الفم و الأسنان و ما إلى ذلك. لكننا نختلف في التركيبة العامة، أي في الطريقة التي تجتمع بها هذه الصفات في الشخص الواحد.
نحن نتشابه أيضا في الطريقة التي نشعر بها، نحس بالألم بنفس الطريقة رغم اختلاف ما يؤلمنا، و نشعر بنفس طعم السعادة رغم اختلاف ما يسعدنا .. نتشابه و نختلف و تتقاطع مصائرنا و يبقى ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا.

غضون...

تعرف تلك الأخاديد التي يتركها الزمن خلفه على جباه البشر بالغضون، و تقول معاجم اللغة أن كل تثن في الجلد أو الثوب هو غضن، فالغضن هو الطية و التثني و الانحناءة. بعد ذلك انتقل هذا المعنى إلى الزمن، فأصبح يقال في "غضون أسبوع" او "أيام" أو "ساعات" أو "دقائق" او "ثواني"، و هذا يدفعني للتساؤل عن علاقة الطية بالزمن، فلطالما تصورت أن الزمن يمتد على خط مستقيم و هو ما نطلق عليه "محور الزمن"، تتجاور فيه اللحظات و تتلاصق في امتداد واحد.
فمن أين جاءت هذه الغضون؟
يفرض هذا السؤال نفسه بشدة علي، و لا ادعي امتلاك إجابة عنه. لكنني أؤمن أن اللغة تنطوي على شيء من الحقيقة الأولى، فأعيد صياغة مفهوم الزمن في عقلي من جديد، و اعدل من تصوري له، فيغدو الخط المستقيم انحناءات و تموجات و اهتزازات تختبئ في طياتها الكثير من اللحظات الهاربة من حياتنا دون أن ندركها.. الزمن المنحني و المتموج مغرِ أكثر إذ يتيح لنا عيش اللحظات بطولها و عرضها و عمقها و ثناياها.

jeudi 12 mars 2015

تتسرب إلى واقعي

كرائحة قهوة يمنية

و يتشبّع بك حلمي

كعطر فرنسي فاخر..

***
ترحل بي إلى أراضٍ
لم تطأها أقدام بشر
و توردني منابع ماء
لم يعرفها الغجر
***
يا رجلا
لم يتعلم لعب الشطرنج يوما
و لكنه ، بالفطرة، يعرف كيف يدير مملكة
**
ينساب عمري بين أصابعك العشرة
فأغدو طفلة على العاشرة
و أبلغ عقدي الثالث عند الزوال
و أشيخ في حبك بعد الثامنة
***
لأحرف اسمك صدى..
و نغمة..
و رنة أسورة الذهب..
***
ابتسامتك طوق ياسمين
لم يكفي بلقيس عرشها
لتشتريه..
***
أسلك طريق الحرير إلى قلبك
و اتوه..
و أغرق
و أحترق
و أضل
و الضلال على طريقك هدى
***
في عيد ميلادك
أهديك كل ضمائر التملك
و "أنا"
و كل المفاعيل..بها و معها و لها و من أجلها
و حروف العطف و النداء
و أغدو لأجلك مجرمة
فأعلن الحرب على ضمائر المؤنث
و أرسل تاء التأنيث و نون النسوة إلى المنفى
و أهدم ما تبقى من قواعد..
***
أيا قبلتي و مقصدي
و وجهتي و غايتي
و ملجأي
و منفذي
و مُهلكي
و مُنقذي..
يا أجمل أخطائي
و ذنبي الذي أتقرب به إلى ربي
فيقبلني
و يدخلني روضة العاشقين
و جنة المؤمنين

vendredi 30 janvier 2015



في حضوره تعرف الزرقة طريقها إلى سمائي و تتلون قطرات الندى..
في الفواصل الزمنية بين دقات قلبي يقيم لي عوالم أفر إليها مجردة من الواقع..
يحيك لي من حروف اسمه وشاحا احيطه على عنقي و اعقده عقدتين.
يكتب لي قصيدة يستعير حروفها من وهج القمر ..
و يبتاع لي أغنية جديدة يلبسها صوت فيروز .
يعيد لصوتي إيقاعه و يقيم انكساراته.. و يبعث فيه الحياة..
يهديني سيف بن ذي يزن و ابتسامة موناليزا و شجرة سنديان لا أحد يعرف مكانها..
التقط ضحكاته و اصنع منها سبحة اذكره بها..
في محراب عينيه أصلي و من وحيها اكتب سبع "مانترات"..
و اهيم في الأرض بحثا عن كل قصائد العشق أقدمها قربانا له..
***
أرى في صفحة وجهه حاضري و مستقبلي.و اتنكر لماضي حين لم يكن هو هناك..
لكنه الآن هنا..
لا قريب و لا بعيد

من " سجدة في مرسية" ( رواية قيد الكتابة)

"تقودني خطواتي مسرعة خارج الحي، انتظر مرور السيارات المسرعة و اعبر الطريق، أسير على الرصيف الضيق، لا يتسع لأكثر من شخصين، يأتي شخص ثالث يزاحمنا هذا الحيز الضيق، فيتنازل الأقل عنادا و ينزل من على الرصيف إلى الطريق.. حركة السير خانقة، تكاد السيارات تلتصق ببعضها، أبواقها تصم الآذان، ودخانها يملأ الرئتين..على جسر القنطرة يتسع الرصيف قليلا، شيخ بثياب قذرة ممدد على الأرض، فقط شعر لحيته المهتز بأنفاسه يوحي بأنه لا يزال حيا، يمد قدميه العاريتين على الرصيف في وجه مروءتنا العارية .. نحاول تجاهله، إخراجه من مجال بصرنا، فننجح و نتجاوزه دون أن تعلق صورته القذرة بضميرنا الناصع، أصل إلى شارع " طريق جديدة" المتهرئ، في تناقض صارخ بينه و بين تسميته، فلا هو بالطريق و لا هو بالجديد، و كعادته مزدحم، بالكاد أجد لنفسي مكانا اعبر منه، رجل أعمى يبيع الجوارب على الرصيف، صراخ متسولة تسأل مالا لشراء الحليب لطفل أشقر أزرق العينين تعلو وجنتاه حمرة، و على الرصيف الآخر متسولة زنجية تحمل طفلها خلف ظهرها، فيبدو المشهد كأنه اختبار لعنصرية عطاءنا، امرأة تضربني دون قصد بأكياسها و تواصل سيرها دون اعتذار.. أمر على محلات الأكل السريع، تفوح رائحة التوابل و تلفح وجهي الحرارة المنبعثة من سيخ الشورما، ألقي نظرة على اللحم المكدس فيه و أفكر في أننا إلى حد ما نشبهه، أكداس بشرية لا تعدو أن تكون مجرد كم.. تتقدمني شابتان تمشيان الهوينى، أحاول تجاوزهما لكنهما تحتلان الرصيف، يزيد امتعاضي، فأرجع إلى الطريق لأواصل سيري.. لم يعد التجول في هذه المدينة يغريني، كل ما تقع عليه عيناي يثير اشمئزازي، أحاول الآن الهروب إلى الأزقة الأقل اكتظاظا.. أفر من روائح العرق و الألوان الصارخة التي تنم عن ذوق مبتذل، و من كل ما يوحي بأن هذه المدينة أصبحت مجرد قرية كبيرة. أصل إلى ساحة لابريش التي تعج بمن لم يثنهم شيء عن الخروج في هذه الشمس الحارقة، أناس يسيرون دون هدف، ملامحهم تتشابه أكثر و أكثر، أو يصيرون دون ملامح..رجل يحدث نفسه، لا يبدو عليه الخبل بقدر البؤس..جمل مقتطعة من أحاديث المارة تتلاشى في الفضاء قبل أن تصل مسامعي.."


vendredi 5 septembre 2014

"22 نصيحة من ســتيـفن كــينــغ لتصبح كاتبا عظيما"




 مقال :ماجي زانغ
ترجمة: جهان سمرقند


تأسر الروايات التي يكتبها الكاتب المعروف ستيفن كينغ ملايين الأشخاص حول العالم وتجر عليه أرباحا تقدر بسبعة عشر مليون دولار في العام.
في مذكراته " عن الكتابة"، طرح كينغ رؤى قيّمة عن كيف  يصبح المرء كاتبا جيدا، فلم يجمّل الأمر، و كتب قائلا:" لا أستطيع أن أكذب و أقول لا يوجد كتاب سيئون. أنا آسف! لكن هناك الكثير منهم".
لا تكن واحدا منهم؟ إليك 22 نصيحة مهمة من كتاب كينغ حول كيف تصبح كاتبا عظيما.
1.توقف عن مشاهدة التلفاز، و بدل ذلك، اقرأ قدر الإمكان .
إن كنت قد بدأت الكتابة للتو، فأول شيء عليك التخلص منه هو تلفازك، فالتلفاز "مسمم للإبداع" على حد قوله. يحتاج الكتّاب إلى إحالة نظرهم إلى أنفسهم و الانتقال إلى حياة الخيال.
للقيام بذلك، عليهم أن يقرؤوا قدر الإمكان. يحمل كينغ كتابا معه حيثما ذهب، و يقرأ حتى خلال الوجبات. " يقول: " إذا أردت أن تصبح كاتبا، عليك القيام بأمرين قبل كل شيء: اقرأ كثيرا و اكتب كثيرا". اقرأ على نطاق واسع، و اعمل باستمرار على صقل و إعادة تحديد عملك الخاص أثناء قيامك بذلك.
2. استعد لمزيد من الإخفاقات و الأزمات أكثر مما تتصور أن بإمكانك التعامل معه.
و يشبه كينغ كتابة الرواية بعبور المحيط الأطلسي في حوض استحمام، لأنه في كلتا الحالتين " هناك الكثير من احتمالات الشك في النفس". و لن تشك أنت فقط في نفسك، بل حتى أن الآخرين سيشكون فيك أيضا. كتب كينغ" إن كنت تكتب ( أو فرضا ترسم أو ترقص أو تنحت أو تغني)، فهناك شخص يحاول أن يجعلك تشعر بالرداءة حيال ما تكتب، هذا كل ما في الآمر."
في كثير من الأحيان، عليك أن تستمر في الكتابة حتى عندما لا تكون لديك رغبة بذلك. يقول كينغ :" إيقاف جزء من العمل فقط لأنه صعب، سواء عاطفيا أو خياليا، هو فكرة سيئة". و عندما تفشل، يقترح كينغ أن تبقى إيجابيا. " التفاؤل هو الرد المشروع على الفشل".
3. لا تضيع وقتك في محاولة إرضاء الناس.
حسب كينغ، فإنه يجب أن تكون الفظاظة آخر ما يشغلك. حيث كتب " إذا كنت تنوي أن تكتب بصدق قدر الإمكان ، فاعلم أن أيامك كفرد في المجتمع المؤدب قد أصبحت معدودة على أي حال". كان كينغ يستحي مما يكتب خاصة بعدما تلقى رسائل غاضبة تتهمه بأنه متعصب، و كاره للمثليين، و قاتل و حتى مضطرب عقليا.
عندما بلغ كينغ الأربعين،أدرك أن كل كاتب لائق قد اتهم بأن الموهبة تنقصه. و قد اكتفى كينغ حتما من هذا الأمر، فكتب قائلا: " إن كان لديك اعتراض، فأنا لا أستطيع سوى أن أتغاضى عن الأمر، هذا كل ما أملك" لا يمكنك أن ترضي كل قراءك في جميع الأحيان، و لذا ينصح كينغ بعدم الاكتراث للأمر.
4. اكتب مبدئيا لنفسك.
يجب أن تكتب لأن الكتابة تجلب لك السعادة و تحقيق الذات. كما يقول كينغ:" كتبت من أجل البهجة الخالصة للكتابة، فإن استطعت أنت فعل ذلك من اجل البهجة، فإنك ستفعله للأبد".  
و يزودنا الكاتب كورت فونيجت برؤية مشابهة حيث قال " جد لنفسك موضوعا تهتم به و الذي تحس في قلبك أن على الآخرين الاهتمام به أيضا". " إنه ذلك الاهتمام الحقيقي، و ليس تلاعبك باللغة، هو الذي سيكون العنصر الأكثر إقناعا و إغراء في أسلوب كتابتك".
5 .عالج أكثر الأمور المستعصية في الكتابة.
يقول كينغ:" إن الأمور الأكثر أهمية هي الأصعب أن نقولها". و أضاف " هي الأمور التي تخجل منها لأن الكلمات تعجز عن وصف مشاعرك". و تكون الجزء الأكبر في الكتابة مسبوقة بساعات من التفكير. و في ذهن كينغ " الكتابة هي صقل للتفكير".
عند معالجة القضايا المستعصية، تأكد من الحفر بعمق. يقول كينغ: " القصص كالمستحثات، أشياء نعثر عليها..القصص هي آثار، أجزاء من عالم وجد سابقا و لم يكتشف بعد" يجب أن يكون الكتاب كعلماء الآثار، عليهم التنقيب على أكبر قدر من القصص التي يمكنه إيجادها.
6. أثناء الكتابة، انفصل عن باقي العالم.
يجب أن تكون الكتابة نشاطا حميميا. ضع مكتبك في زاوية الغرفة، و أقصي كل ما يمكن أي يشغلك، من الهاتف إلى النوافذ المفتوحة. و ينصح كينغ" اكتب و الباب مغلق، أعد الكتابة و الباب مفتوح".
يجب أن تحافظ على خصوصية تامة بينك و بين عملك. كتابة مسودة أولى هو "أمر أولي بالكامل، وهذا النوع من الأمور التي لا أتردد في القيام بها و الباب مغلق- فكأن القصة تقف عارية من كل شيء سوى الجوربين و السروال التحتي."
7. لا تكن مدعٍ.
يقول كينغ " إحدى أسوء الأمور التي قد تلحقها بكتاباتك هي تنميقك للمفردات، و البحث عن الكلمات الطويلة لأنك ربما خجل بعض الشيء من كلماتك القصيرة". و يشّبه هذا الأمر بإلباس ثياب تنكرية للحيوان الأليف، حينها يكون المالك و الحيوان محرجان لأن الأمر مبالغ فيه تماما.
كما كتب رجل الأعمال الشهير ديفيد أوغيلفي في مذكرة لموظفيه: "لا تستخدم أبدا ألفاظ من اللغة الاصطلاحية مثل "إعادة تشكيل المفهوم "، " التشتيت" ، " اتجاهيّ"، "حُكميا" فهي سمة أحمق مدعي." فضلا عن ذلك، لا تستخدم الرموز إلا عند الضرورة. و يقول كينغ:"الرمزية موجودة للتزين والإثراء، وليس لخلق إحساس زائف للعمق".

8. تجنب استعمال الحال و الفقرات الطويلة.
كما أكد كينغ أكثر من مرة في مذكراته " الحال ليس صديقك". في الواقع، هو يعتقد " أن الطريق إلى جهنم محفوف بالحال" و يُشّبه الأمر بالهندباء التي تخرّب حديقتك. و الأسوأ أن يأتي الحال بعد "قال" أو "قالت"، يستحسن ترك العبارتين دون تنميق.
يجب عليك أن تنتبه لفقراتك أيضا، و بذلك تتدفق حسب اتجاهات و إيقاعات قصتك.و يقول كينغ " الفقرات تكون تقريبا مهمة دائما من ناحية شكلها أكثر مما هي عليه من ناحية مضمونها".
9. لا تبالغ في الاهتمام بالقواعد.
حسب كينغ فإن الكتابة هي مسألة إغواء و ليست مسألة دقة، حيث كتب " ليس على اللغة أن ترتدي دائما ربطة عنق و حذاء بالرباط" و أضاف " فالغرض من الرواية ليس الدقة اللغوية إنما هو الترحيب بالقارئ ثم إخباره بالقصة" فاحرص على أن تجعل القارئ ينسى تماما أنه بصدد قراءة قصة.
10. إتقان فن الوصف.
"يبدأ الوصف في خيال الكاتب و ينتهي في خيال القارئ"هذا ما عبّر عنه كينغ. ليس الأهم أن تكتب بما فيه الكفاية و إنما أن تضع حدا لما تقوله. أن تقوم بتصوير ما تريد لقارئك أن يختبره أولا، ثم تترجم ما تراه في ذهنك إلى كلمات على الصفحة. تحتاج إلى أن تصف الأشياء " بطريقة تجعل قارئك يقر لك بذلك" على حد قوله.
مفتاح الوصف الجيد هو الوضوح، في الملاحظة كما في الكتابة. استعمل صور جديدة و مفردات بسيطة  لتفادي إنهاك قارئك. و يشير كينغ إلى أنه " في كثير من المرات عندما يضع القارئ القصة جانبا لأنه أصيب بالملل، فمرد هذا الملل إلى أن الكاتب قد كَبُر مأخوذا بقدرته على الوصف ففقد بالتالي إدراكه لما هو أولوي بالنسبة له  و هو المحافظة على الاستمرارية.
11. لا تعطي معلومات أساسية أكثر من اللازم.
كتب كينغ:" ما تحتاج لتذكره هو أن هناك فرقا بين أن تحاضر حول ما تعرفه و بين أن تستعمله لإثراء قصتك" و أضاف " هذا الأخير أمر جيد، أما ما سبقه فلا" عليك التأكد من إدراج تفاصيل تدفع بقصتك إلى الأمام و تقنع القارئ بمواصلة القراءة.
إن احتجت لإجراء بحث، فتأكد أنه لن يطغى على القصة. و حسب كينغ فإن البحث يعود " على الخلفية و ما على وراء القصة بقدر ما يمكنك فهم ذلك". بإمكانك  أن تُسحر بما تقرأ، لكن قراءك سيهتمون أكثر بشخصياتك و قصتك.
12.أسرد قصصا حول ما يفعله الناس في الواقع.
تعتبر الكتابة السيئة مسألة أكبر من مجرد تركيب مقرف و ملاحظة  خاطئة، لكنها تنشأ عادة من الرفض المتصلب لسرد قصص عما يفعله الناس في الواقع. يقول كينغ "لمواجهة الواقع، دعنا نقل، أن القتلة يساعدون أحيانا العجائز على عبور الشارع". الناس في قصصك هم أكثر ما يثير اهتمام القراء، لذا عليك أن تقر بكل الأبعاد التي بالإمكان أن تكون في شخصياتك.
13. خض المخاطر، لا تبقى في دائرة الأمان.
أولا و قبل كل شيء، عليك التوقف عن استخدام صيغة المبني للمجهول، إنها أكبر مؤشر على الخوف. يقول كينغ " أنا مقتنع أن الخوف هو مصدر كل كتابة سيئة". على الكتاب إلقاء مخاوفهم خلفهم، و استجماع قواهم، و ينكبوا على الكتابة.   
و يضيف " جرب أي شيء لعين تريده، مهما كان فاحشا أو كان طبيعيا بشكل ممل، إن نجح الأمر، فهذا جيد، و إن لم ينجح فارمه".
14. عليك أن تعي أنك لست بحاجة للمخدرات حتى تكون كاتبا جيدا.
"فكرة أن المسعى الإبداعي و المواد المنشطة متلازمان هي واحدة من أكبر الأساطير الفكرية الشائعة في وقتنا الحالي" يقول كينغ.  و في نظره، الكتاب الذين يتعاطون المخدرات هم ببساطة مدمنون. و يضيف " أي مزاعم تدعي أن تعاطي المخدرات والكحول ضروري للتخفيف من الحساسية المرهفة ليست سوى هراء معتاد لخدمة المصالح الذاتية.
15. لا تحاول سرقة صوت شخص ما.
كما قال كينغ " لا يمكنك أن تقذف كتابا كصاروخ كروز". عندما تحاول تقليد أسلوب كاتب آخر لأي سبب عدا الممارسة، فإنك لن تنتج سوى " تقليد شاحب". هذا لأنه لا يمكنك إطلاقا محاولة تكرار الطريقة التي يحس بها شخص ما و يواجه بها الحقيقة، خاصة عبر إلقاء نظرة سطحية للمفردات و الحبكة.
16. عليك أن تعي أن الكتابة هي نوع من التخاطر.
يقول كينغ "كل الفنون تعتمد على التخاطر إلى حد ما، لكنني أؤمن أن الكتابة هي الخلاصة الأنقى". و يعتبر النقل عنصرا مهما في الكتابة، فمهمتك ليست كتابة كلمات على الصفحة، إنما هي نقل الأفكار من رأسك إلى رأس قرّائك.
و يضيف كينغ "الكلمات هي مجرد وسيط تحدث عبره عملية النقل". و ينصح فونيجت أيضا في "نصائح عن الكتابة"الكُتَّاب قائلا "استهلك وقت من هو غريب تماما عنك بطريقة لا تجعله يشعر أنه قد أضاع وقته".
17. خذ كتابتك على محمل الجد.
يقول كينغ: " يمكنك الاقتراب من فعل الكتابة بعصبية، أو بإثارة، أو بأمل أو يأس" و أضاف " اذهب إليها بأي طريقة المهم أن تكون على محمل الجد". و إن لم ترغب في أخذ كتابتك على محمل الجد، فإنه يقترح أن تغلق الكتاب و تجد لنفسك شيئا آخر تفعله.
و كما قالت الكاتبة سوزان سونتاغ: " يجب على القصة أن تضرب على الوتر في نفسي. و يجب أن يبدأ قلبي بالخفقان بشدة عند سماع أول سطر منها في رأسي. و أبدأ بالارتجاف من الخطر.
18. اكتب كل يوم.
 يقول كينغ "بمجرد أن أبدأ العمل في مشروع، فإنني لا أتوقف، و لا أتباطئ إلا  لضرورة قصوى" و يضيف " إذا لم أكتب كل يوم فإن الشخصيات تبدأ بالتلف في ذهني.. و أبدأ بفقدان سيطرتي على حبكة القصة و وتيرتها."
إذا فشلت في الكتابة باستمرار، فبإمكان فكرتك أن تفقد إثارتها. عندما يصبح العمل يبدو و كأنه عمل، يصف كينغ هذه اللحظة كأنها " قبلة الموت". و أفضل نصيحة يقدمها هي أن تكتب " كلمة واحدة كل مرة".
19. انهي المسودة الأولى خلال ثلاثة أشهر.
يفضل كينغ كتابات عشر صفحات في اليوم. و على مدى ثلاثة أشهر، يصل هذا إلى حوالي 180.000 كلمة. و يقول " لا يجب أن تستغرق المسودة الأولى _ و إن كانت طويلة_ أكثر من ثلاثة أشهر، و هي مدة فصل من السنة". و يؤمن كينغ بأنه إذا قضيت وقتا طويلا على مسودتك، فإن القصة قد بدأت تأخذ شعورا أجنبيا غريبا.
20. عند الانتهاء من الكتابة، ارجع خطوة كبيرة للوراء.
يقترح كينغ ستة أسابيع "نقاهة" بعد الانتهاء من الكتابة، فيكون ذهنك صاف لرصد أي ثغرات واسعة في الحبكة و في تطور الشخصيات. كما يؤكد أن نظرة الكاتب الأولية للشخصية يمكن أن تكون ذات نقائص تماما كنظرة القارئ.
و يشبه كينغ عملية  الكتابة و المراجعة بالطبيعة حيث كتب " عندما تؤلف كتابا، فإنك تقضي وقتك يوما بعد يوم في فحص و تعيين الأشجار" و أضاف" و عندما تنتهي عليك التراجع للخلف لتنظر للغابة". و عندما تكتشف أخطاءك يقول " لا يجب أن تشعر بالاكتئاب منها أو تقسو على نفسك، فالإخفاقات تحدث لأفضلنا".
21. امتلك الشجاعة للقص.
عند المراجعة، يواجه الكتاب وقتا صعبا في التخلي عن كلمات قضوا وقتا طويلا في كتابتها. لكن، كما جاء في نصيحة كينغ " أقتل أعزائك، أقتل أعزائك، حتى عندما يُكسر قلب خربشتك الأناني الصغير اقتل أعزائك".
على الرغم من أن المراجعة هي واحدة من أصعب أجزاء الكتابة، فإنك تحتاج إلى إزالة الأجزاء المملة للتقدم بالقصة. و في " نصائح حول الكتابة"، يقترح فونيجت: " إن لم تنير الجملة، مهما كانت ممتازة، موضوعك بطريقة جديدة و مفيدة، فاشطبها".
22. ابق متزوجا، انعم بصحة جيدة و عش حياة جيدة.
يُرجع كينغ نجاحه إلى أمرين: صحته الجسدية و زواجه، حيث كتب " الجمع بين جسم صحي و علاقة مستقرة مع امرأة مستقلة بذاتها لم تأخذ أي شيء مني أو من أحد غيري، جعل استمرارية حياتي العملية ممكنة".
من المهم أن يكون هناك توازن قوي في حياتك، وبالتالي لا تستهلكها الكتابة ككل. وينصح الكاتب و الرسام هنري ميلر في " أحد عشرة نصيحة للكتابة" قائلا: " حافظ على الإنسانǃ التق بالناس، زر أماكن، و اشرب إن رغبت في ذلك".